فصل: شهر رجب الفرد سنة 1220:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.شهر رجب الفرد سنة 1220:

استهل بيوم الأربعاء، وفي حادي عشره، سافر محمد كتخدا الألفي بالجواب المتقدم إلى مخدومه بعد أن قضى أشغاله واحتياجاته من أمتعة وخيام وسروج، وغير ذلك وخرج ياسين بك وباقي الكشاف المسافرون إلى الجيزة وطلبوا المراكب حتى عز وجودها وامتنع ورودها من الجهة البحرية.
وفي ثالث عشره، سافر المذكورون بعساكرهم وسافر أيضاً علي باشا سلحدار أحمد باشا خورشيد المنفصل إلى سكندرية وأما قبطان باشا فإنه لم يزل بثغر سكندرية.
وفي منتصفه، برز طاهر باشا الذاهب إلى البلاد الحجازية بعساكره إلى خارج باب النصر.
وفيه وردت الأخبار بأن الوهابيين استولوا على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد حصارها نحو سنة ونصف من غير حرب بل تحلقوا حولها وقطعوا عنها الوارد وبلغ الأردب الحنطة بها مائة ريال فرانسة، فلما اشتد بهم الضيق سلموها ودخلها الوهابيون، ولم يحدثوا بها حدثاً غير منع المنكرات وشرب التنباك في الأسواق وهدم القباب ما عدا قبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي تاسع عشرة، وقع بالأزبكية معركة بين العسكر قتل بها واحد من أعيانهم واثنان آخران ورجل سائس وبغل وفرس وحمار.
وفي خامس عشرينه، ورد الخبر بسفر القبطان وأحمد باشا خورشيد من ثغر سكندرية.
وفيه حضر أهل رشيد يتشكون إلى السيد عمر النقيب والمشايخ ويذكرون أن محمد علي باشا أرسل يطلب منهم أربعين ألف ريال فرانسة على ثلاثة عشر نفراً من التجار بقائمة.
وفيه حضر محمود بك الذي كان بالمنية وتواترت الأخبار بوصول الغز المصريين إلى أسيوط وملكوها، وأما الألأفي فإنه جهة الفيوم ووقع بينه وبين جماعة ياسين بك محاربة وظهر عليهم وأرسل ياسين بك يطلب عسكراً وذخيرة.
وفي خامس عشرينه، ركب المشايخ والسيد عمر النقيب إلى محمد علي وترجوا عنده في أهل رشيد فاستقرت غرامتهم على عشرين ألف فرانسة وسافروا على ذلك وأخذوا في تحصيلها.
وفيه طلب بترك الدير واحتجوا عليه بهروب جرجس الجوهري وانحط الأمر على المصالحة بمائة وأربعين كيساً وزعها النصارى على بعضهم ودفعوها.

.شهر شعبان سنة 1220:

استهل بيوم الجمعة، فيه أمر محمد علي باشا برفع حصص الالتزام التي على النساء وكتبوا قوائم مزادها وانحط الأمر على المصالحات بقدر حالهن، وغير ذلك أمور كثيرة وجزئيات وتحيلات على استنضاح الأموال لا يمكن ضبطها.
وفي أواخره زوج محمد علي حسن الشماشرجي تابعه ببنت سليم كاشف الأسيوطي وهي بنت عبد الرحمن بك تابع عثمان بك الجرجاوي وهي ربيبة أحمد كاشف تابع سليم كاشف المذكور فعقدوا عقدها وعملوا لها مهما ببيت أمها هانم بحارة عابدين، واحتفل بذلك محمد علي وأمر بأن يعمل لها زفة مثل زفف الأمراء المتقدمين ونبهوا على أرباب الحرف فعملوا لهم عربات وملاعيب وسخريات قاموا بكلفها من مالهم الموزع على أفرادهم وداروا بازفة يوم الخميس غاية شعبان، وحضر محمد علي إلى مدرسة العوريه مع أولاده ليرى ذلك وعمل له السيد محمد المحروقي ضيافة في ذلك اليوم، وأحضر إليه الغداء بالمدرسة، ولما انقضى أمر الزفة شرعوا في عمل موكب المحتسب ومشايخ الحرف لرؤية رمضان وحضروا إلى بيت القاضي، ولم يثبت الهلال تلك الليلة وانقضى شهر شعبان.

.شهر رمضان سنة 1220:

واستهل بيوم السبت وفي هذا اليوم شح وجود اللحم وغلا سعره لعدم المواشي وتوالى الظلم والعسف والفرد والكلف على القرى والبلاد حتى بلغ الرطل اللحم الجفيط الهزيل خمسة وعشرين نصفاً إن وجد والجاموسي اثني عشر نصفاً وامتنع وجود الضاني بالأسواق بالكلية رأساً ولما استهل رمضان انكب الناس على من يوجد من جزارين اللحم الخشن، وكذلك شح وجود السمن وعم بالكلية، وإذا وجد منه شيء خطفه العسكر وذهبوا به إلى سوق أنبابة يوم السبت أول رمضان ونهبوا ما وجدوه مع الفلاحين من الزبد والجبن وغير ذلك وزاد فحشهم وقبحهم وتسلطهم على إيذاء الناس وكثروا بالبلد وانحشروا من كل جهة وتسلطوا على تزوج النساء قهراً اللاتي مات أزواجها من الأمراء المصرلية ومن أبت عليهم أخذوا ما بيدها من الالتزام والإيراد وأخرجوها من دارها ونهبوا متاعها، فما يسعها إلا الإجابة والرضا بالقضاء وتزوج بعضهم بزوجة حسن بك الجداوي وهي بنت أحمد بك شنن وأمثالها، ولم ينفعهن الهروب ولا الاختفاء ولا الالتجاء وتزيوا بزي المصريين في ملابسهم، وركبوا الخيول المسومة بالسروج المذهبة والقلاعيات والرخوت المكلفة وأحدق بهم الخدم والأتباع والقواسة والسواس والمقدمون، ووصل كل صعلوك منهم لما لا يخطر على باله أو يتوهمه أو يتخيله ولا في عالم الرؤيا مع انحراف الطبع والجهل المركب وعمى البصيرة والفظاظة والقساوة والتجارى وعدم الدين والحياء والخشية والمروءة ومنهم من تزوج الاثنتين والثلاث وصار له عدة دور.
وفيه تواترت الأخبار بما حصل لياسين بك وأنه بعد انهزامه هرب بجماعة قليلة، وذهب عند سليمان بك المرادي وانضم إليه.
وفي ثالث عشره، نهبوا بيت ياسين بك المذكور وأخذوا ما فيه ونفوا محمد أفندي أباه وأنزلوه في مركب وذهبوا به إلى بحري وقيل أنهم قتلوه.
وفيه وردت الأخبار بأنه غرق بمينا الإسكندرية أحد عشر غليوناً من الكبار، وذلك أنه في أواخر شعبان هبت رياح غربية عاصفة ليلاً فقطعت مراسي المراكب ودفعتها الرياح إلى البر فانكسرت وتلف ما فيها من الأموال والأنفس، ولم ينج منها إلا القليل، وكذلك تلف ثمان وأربعون مركباً واصلة من بلاد الشام إلى دمياط ببضائع التجار.
وفيه حضر جماعة من الألفية إلى بر الجيزة وطلبوا كلفاً من إقليم الجيزة وقبضوها ورجعوا إلى الفيوم ومضى في أثرهم عربان أولاد علي من ناحية البحيرة وعاثوا بأراضي الجيزة، فعينوا لهم طاهر باشا الذي كان مسافراً إلى بلاد الحجاز وخرج بعساكره وخيامه وموكبه إلى خارج باب النصر ونصب وطاقه وصار يضرب في كل ليلة مدافعه وطبله ونوبت واستمر مقيماً على ذلك نحو ثلاثة شهور وهم يجمعون له الأموال ويفردون الفرد على الأقاليم ويقولون برسم تشهيل العسكر المسافر للخوارج واستخلاص البلاد الحجازية من أيديهم، ولم يزالوا يحتجون بعدم أخذ النفقة وفي كل يوم يتسللون شيئاً بعد شيء ويدخلون إلى المدينة ويتفرقون إلى الجهات حتى لم يبق منهم إلا القليل، ثم أنهم ارتحلوا من مخيمهم بحجة العرب وطردهم من الجيزة، فلما عدوا إلى الجيزة دخلوا إلى دورها وسكنوها غصباً عن أهلها واستولوا على فراشهم متاعهم، ولم يخرج منهم أحد للعرب، ولم يتعدوا خارج السور وبطل أمر السفرة المذكورة.
وفي تاسع عشره، أرسل محمد علي من قبض على الآغا الشمعدانجي وعثمان آغا كتخدا بك سابقاً وقت المغرب وأنزلوهما إلى بولاق في مركب وذهبوا بهما يقال أنهم قتلوهما ومعهما اثنان أيضاً من كبار العسكر، ولم يعلم سبب ذلك وأنزلوا حصصهم في المزاد.
وفيه فتحوا طلب الميري من الملتزمين عن سنة إحدى وعشرين مع أن سنة تاريخه لم يستحق منها الثلث وكانوا فتحوها معجلة لقدر الاحتياج وقبضوا نصفها وطلبوا النصف الآخر بعد أربعة أشهر وأما هذه فطلبوها بالكامل قبل أوانها بسنة وخصوصاً في شهر رمضان مع الناس فيه من ضيق المعاش وغلو الأسعار في كل شيء بل وهدم وجود الأقوات ووقوف العسكر خارج المدينة يخطفون ما يأتي به الفلاحون من السمن والجبن والتبن والبيض وغير ذلك ومن دونهم العرب ومثل ذلك في البحر والمراكب حتى امتنع وجود المجلوبات براً وبحراً، وطلبوا المراكب لسفر العساكر بالتجاريد فتسامع القادمون فوقفوا عن القدوم خوفاً من النهب والتسخير ولم يبق بسواحل البحر مركب ولا قارب وبطل ديوان العشور، ووصل سعر العشرة أرطال السمن ستمائة نصف فضة إن وجد والعشرة من البيض بخمسة عشر فضة إن وجد والدجاجة بأربعين نصفاً والرطل الصابون بستين نصفاً، ولم يزل يتزايد حتى وصل الرطل إلى مائة وعشرين والراوية الماء بأربعين نصفاً والرطل القشطة بستين نصفاً والرطل السمك الطري بستة عشر نصفاً والقديد المملوح بعشرة أنصاف وقد كان يباع بنصفين وبالعدد من غير وزن والحوت الفسيخ بأربعين نصفاً وقس على ذلك.
وفي عشرينه، رجع خازندار طاهر باشا إلى جهة العادلية ثانياً ومعه جملة من العسكر وصاروا يضربون في كل ليلة مدفعين واستمر طاهر باشا بالجيزة.
وفيه كتب محمد علي باشا مكاتبة الأمراء القبالي وأرسل بها مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي ليصطلحوا على أمر.
وفيه وصل أيضاً جماعة من الألفية إلى جهة سقارة وبلاد الجيزة وطلبوا منها كلفة ودراهم فأمر محمد علي بخروج العساكر فتلكؤا واحتجوا بطلب العلوفة فعزم على الخروج بنفسه، فلما كان ليلة الأربعاء سادس عشرينه طلب كبار العساكر وركب معهم إلى مصر القديمة وشرعوا في التعدية بطول الليل وهم محمد علي وعسكره وخواصه وعابدي بك وعمر بك وصالح قوش والدلاة وكبيرهم وعلي كاشف الذي تزوج بنت شنن وأتباعه في تجمل وكبير الدلاة وطائفته وركب الجميع وقت الشروق وبرزوا إلى الفضاء وانفرد كل كبير بعسكره خمسة طوابير وستة ونظروا على البعد منهم فرأوا خيالة من العربان وغيرهم متفرقين كل جماعة في ناحية فحمل كل طابور على جماعة منهم فانهزموا أمامهم فساقوا خلفهم فخرج عليهم كمائن من خلفهم ووقع بينهم الضراب وحمل علي كاشف وآخر يقال له أوزي في جماعتهم فرأوه مجملاً فظنوه محمد علي فاحتاطوا به وتكاثروا عليه وأخذوه أسيراً هو ومن معه وفر من نجا منهم، ووقعت فيهم الهزيمة ورجع الجميع القهقرى وعدوا إلى بر مصر من غير تأخير، وذهب من الأرنؤد طائفة إلى الأخصام وانضموا إليهم.
وفي هذه الأيام، وقع بين أهل الأزهر منافسات بسبب أمور وأغراض نفسانية يطول شرحها وتحزبوا حزبين حزب مع الشيخ عبد الله الشرقاوي وحزب مع الشيخ محمد الأمير وهم الأكثر وجعلوا الشيخ الأمير ناظراً على الجامع وكتبوا له تقريراً بذلك من القاضي، وختم عليه المشايخ والشيخ السادات والسيد عمر أفندي النقيب وكانت النظارة شاغرة من أيام الفرنسيس، وكان يتقلدها أحد الأمراء، فلما خرج الأمراء من مصر صارت تابعة للمشيخة لوقت تاريخه فانفعل لذلك الشيخ الشرقاوي، ولما فعلوا ذلك اجتهد الشيخ الأمير في النظر لخدمة الجامع بنفسه وبابنه وأحضر الخدمة وكنسوا الجامع وغسلوا صحنه ومسحوه وفرشوا المقصورة بالحصر الجدد وعلقوا قناديل البوائك، وصار كل يوم يقف على الخدمة ويأمرهم بالتنظيف وغسل الميضاة والمراحيض وأمر بغلق الأبواب من بعد صلاة العشاء ما عدا الباب الكبير ورتبوا له بواباً وطردوا من يبيت به من الأغراب الذين يلتفون بالحصر ويلوثونها ببولهم وغائطهم ونحو ذلك.
وفي غايته ليلة الأحد التي هي ليلة العيد، عدى طائفة من العسكر إلى بر الجيزة وانضموا إلى الأخصام وحصل في العسكر ارتجاج واختلافات وعملوا شنكاً في تلك الليلة في الأزبكية بعدما أثبتوا هلال شوال بعد العشاء الأخيرة، وقد كانوا أسرجوا المساجد وصلوا التراويح، ثم أطفؤا المنارات في ثالث ساعة من الليل.

.شهر شوال سنة 1220:

استهل بيوم الأحد المذكور وجميع الأمور مرتبكة والحال على ما هو عليه من الاضطراب، ولم يحصل في شهر رمضان للناس جمع حواس ولا حظوظ ولا أمن وانكف الناس عن المرور في الشوارع ليلاً خوفاً من أذية العسكر، وفي كل وقت يسمع الإنسان أخباراً ونكات وقبائح من أفاعيلهم من الخطف والقتل وأذية الناس.
وفي رابعه، قلدوا مناصب كشوفات الأقاليم وتهيؤا للذهاب وعملوا قوائم فرد ومظالم على البلاد خلاف ما تقدم وخلاف ما يأخذه الكشاف لأنفسهم، وما يأخذونه قبل نزولهم وذلك أنه عندما يترشح الشخص منهم اتقليد المنصب يرسل من طرفه معينين إلى الإقليم الذي سيتولى عليه بأوراق البشارات وحق طرق باسم المعينين إما عشرين ألفاً أو أكثر أو أقل فإذا قبضوا ذلك اتبعوها بأوراق أخرى ويسمونها أوراق تقبيل اليد وفيها مثل ذلك أو أكثر أو أقل، ثم كذلك أوراق لبس القفطان ونحو ذلك، وقد يتفق بعد ذلك جميعه أنه يتولى خلافه ويستأنف العمل إلى غير ذلك، هذا وكتخدا بك مستمر في سرحاته بالأقاليم وجمع الأموال والعسف والجور مرة بالمنوفية ومرة بالغربية ومرة بالشقية، ولا يقرر إلا الأكياس من الشهريات والمغارم وحق الطرق والاستعجالات المترادفة مما لا يحيط به دفتر ولا كتاب.
وفي ثامنه توفي إبراهيم أفندي كاتب البهار وترك ولداً صغيراً فقلدوا مملوكه حسناً في منصبه وكيلاً عن ولده.
وفي هذه الأيام، كثر تحرك العسكر والمناداة عليهم بالخروج إلى نواحي طرا والجيزة، وذلك بسبب أن بعض الألأفية عدى إلى ناحية الشرق وأخذوا كلفاً من البلاد وبعضهم وصل إلى وردان بالبر الغربي.
وفي عاشره، حضر جملة من الدالاتية وغيرهم من ناحية الشام فمنهم من حضر في البحر على دمياط ومنهم من حضر في البر وعدى طاهر باشا الذي كان مسافراً على جدة.
وفيه أيضاً سافرت القافلة المتوجهة إلى السويس وصحبتها نحو المائتين من العسكر وعليهم كبير من طرف طاهر باشا بدلاً عنه، وسافر صحبتهم حسن أفندي القاضي المنفصل ليكون قاضياً بمكة حسب القانون.
وفي خامس عشره، وصلت قوافل التجار من السويس فأرسل محمد علي وفتح الحواصل، وأراد أخذ بضائع التجار وفروق البن فانزعج التجار بوكائل الجالية وغيرها، وذلك بعد أن دفعوا عشورها ونولونها وأجرها وما جعلوه عليها من المغارم السابقة وانحط الأمر على المصالحة عن كل فرق خمسون ريالاً، ولم ينتطح في ذلك شاتان.
وفي حادي عشرينه، حضر كتخدا بك إلى مصر بعد ما جمع الأموال من الأقاليم وفعل ما فعله من الفرد والمظالم الخارجة عن الحد.
وفي يوم الأربعاء خامس عشرينه، توفي عثمان أفندي العباسي.

.شهر ذي القعدة سنة 1220:

استهل بيوم الثلاثاء والاجتهاد حاصل بخروج العسكر للتجريدة في كل يوم ونصبوا عرضيهم ببر الجيزة وناحية طرا من ابتداء شعبان، كما تقدم وفي كل يوم يخرجون طوائف ويعودون كذلك.
وفي يوم الأربعاء تاسعه، حضر مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي وعلي جاويش الفلاح الذين كانوا توجهوا إلى قبلي لأجل الصلح وحضر صحبتهم نيف وثلاثون مركباً من السفار والمتسببين فيها غلال وأدهان وجلود وتمر وغير ذلك، ولم يعلم حقيقة ما حصل.
وفي يوم الجمعة حادي عشره، نودي على العسكر بالخروج من الغد بالتركي والعربي والتحذير من التأخير.
وفي يوم الأحد، رجع مصطفى آغا بجواب ثانياً هجانا من طريق البر.
وفي يوم الاثنين رابع عشره، أخرجوا المحمل والكسوة وعين للسفر بهما من القلزم مصطفى جاويش العنتبلي ومعه صراف الصرة دفعوا له ربعها وثمنها وهذا لم يتفق نظيره.
وفي يوم الثلاثاء خامس عشره، ورد نحو السبعين ططرياً ومعهم البشارة لمحمد علي باشا بوصول الأطواخ إلى رودس، ووصل معهم أيضاً مراسيم بمنصب الدفتردارية لأحمد أفندي الملقب بجديد وهو الذي كان وصل في العام الأول بالدفتردارية إلى سكندرية في أيام أحمد باشا خورشيد وجانم أفندي الدفتردار ومنعوه عنها وكتبوا في شأنه عرضاً للدولة بعدم قبوله وأن أهل البلد راضون على جانم أفندي، فلما حصل ما حصل لخورشيد باشا وعزل عن مصر وعزل أيضاً جانم أفندي حضر أيضاً أحمد أفندي المذكور بمراسيم أخر وفيها الوكالة لسعيد آغا مجددة له ونظر الخاصكية لحافظ سليمان، واستمر من ذلك الوقت بمصر فوصل إليه الأمر بتقليد الدفتردارية، وكان حسن أفندي الروزنامجي هو المتقلد لذلك فلما كان يوم الخميس سابع عشره اجتمع بديوان محمد علي صالح آغا قابجي باشا وسعيد آغا ونقيب الأشراف وبعض المشايخ ولبس أحمد أفندي خلعة الدفتردارية وشرطوا عليه أنه لا يحدث حوادث كغيره فإن حصل منه شيء عزلوه وعرضوا في شأنه وقبل ذلك على نفسه.
وفي يوم الجمعة ثامن عشره، ارتحلت القافلة وصحبتها الكسوة والمحمل أواخر النهار من ناحية قايت باي بالصحراء وذهبوا إلى جهة السويس ليسافروا من القلزم.
وفيه وصلت الأخبار بأن بونابارته كبير الفرنسيس ركب في جمع كبير وأغار على بلاد النمساوية وحاربهم حرباً عظيماً، وظهر عليهم وملك تختهم وقلاعهم وطلب ملكهم بعد خروجه من حصونه فأعاده لممالكته بعد ما شرط عليه شروطه، وملك غير ذلك من القرانات والحصون، ثم سار إلى بلاد الموسقو ووقع بينه وبينهم هدنة على ثلاثة أشهر.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشرينه، خرج حسن باشا طاهر إلى ناحية مصر القديمة.
وفي يوم السبت سادس عشرينه، حضر مبشرون بحصول مقتلة عظيمة وأنهم أخذوا من الأخصام جملة عسكر أسرى ورؤوس فضربوا مدافع لذلك وأظهروا السرور.
وفي يوم الأحد، وصلت الرؤوس والأسرى وهي إحدى وعشرون رأساً وذراع مقطع وسبعة عشر أسيراً ليس فيهم من يعرف ولا من جنس الأجناد وغالبهم فلاحون فأعطى محمد علي لكل أسير نصف دينار وأطلقهم ووضعوا الرؤوس والذراع عند باب زويلة.
وفيه وصلت القافلة من السويس، ووصل أيضاً صحبتهم جنرال من الإنكليز راكب في تخت وحملته ومتاعه على نحو سبعين جملاً فذهب عند قنصلتهم، فلما كان يوم الأربعاء غايته ركب في التخت وذهب عند محمد علي بالأزبكية فتلقاه وعمل له شنكاً ومدافع وقدم له هدية وتقادم ثم رجع إلى مكانه.